ربما يثير العنوان في الأعلى الغرابة، فكيف وصلت الثعالب لقطاع غزة المكتظ بالسكان، في ظل عدم وجود غابات أو محميات طبيعية لتتكاثر فيها الحيوانات المختلفة.
بداية الحكاية نشأت من شكاوى بعض المواطنين القاطنين في المناطق الشرقية لمحافظات قطاع غزة، حيث بدأوا مؤخرا بملاحظة مجموعات من الثعالب تعيث فسادا في المناطق الشرقية فتقتل الطيور المنزلية وتأكل بعضها، فضلا عن اتلاف بعض المحاصيل الزراعية.
وبشكل أدق، انتشرت الثعالب وازدادت أعدادها ما بعد الحرب الصهيونية على قطاع غزة عام 2014، ووفق شهادات المواطنين فقد قدِمت هذه الحيوانات المفترسة باتجاه غزة من خلف السياج الفاصل بين الاراضي المحتلة عام 48 وقطاع غزة.
الصحفي فادي ثابت أفاد لـ نبـأ برس بأن الثعالب أصبحت تؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين في المناطق الشرقية للقطاع وممتلكاتهم، حيث انها قامت مؤخرا بقتل وأكل بعض الدجاج والبط والحمام والحبش، فضلا عن تكسير الأشتال الزراعية خاصة الحديثة منها كالفلفل والباذنجان، الى جانب تمزيق غطاء النايلون الخاص بالمزروعات.
رؤية الثعالب في مناطق شرق خانيونس ودير البلح والمغازي وجحر الديك والزيتون ولّد القلق والخشية أيضا لدى المواطنين ليس فقط على الطيور والمزروعات بل على الارواح "فما الذي يستطيع أن يفعله طفل في المرحلة الابتدائية اذا هاجمته مجموعة من الثعالب أثناء توجهه الى المدرسة؟" يسأل أحد المواطنين.
يؤكد الصحفي ثابت خطورة الثعالب على حياة الاطفال في ساعات الصباح الاولى خصوصا في المناطق التي لا يوجد بها اكتظاظ سكاني وانما بيوتا متفرقة ومتباعدة، حيث ان بعض الثعالب لم تكن قد وَجدت مخبأً مناسبا تقضي فيه وقت النهار بعيدا عن أعين البشر.
وعن أعدادها، يضيف ثابت بأن الخطورة تكمن في أن الثعالب غالبا تتحرك على شكل مجموعات تشمل أربعة أو خمسة تشكل فريقا واحدا، مشيرا إلى أن اعتداءات الثعالب لا زالت مستمرة بحثا عن فرائس جديدة.
ومن منظور آخر ربما يشكل أكثر خطورة، حذر قيادي في المقاومة الفلسطينية من خطورة الثعالب من الناحية الأمنية على عمل المقاومة في المناطق الشرقية للقطاع خاصة أنها قادمة من جانب الاحتلال.
وأوضح القيادي في حديثه لمراسل نبـأ برس أن الاحتلال ربما استغل هذه الثعالب أو يستغلها في المستقبل لمهام تضر بالعمل المقاوم كنصب كاميرات مراقبة على أجسادها أو أجهزة تنصت لرصد أي تحركات قريبة من السلك الفاصل، فضلا عن انها تشكل خطرا على حياة المرابطين.
وأشار القيادي في المقاومة إلى ضرورة تكاثف الجهود للتخلص منها قبل ان تتوسع دائرة خطرها، كتشكيل لجان فصائلية تقضي على وجودها في المنطقة من خلال اصطيادها أو قتلها اذا استدعت الضرورة، لتحقيق الحماية للمواطنين وممتلكاتهم من جانب، والمقاومين وعملهم من الجانب الآخر.
الجدير ذكره هنا، هو أن التاريخ الحديث زاخر بمحاولات الاحتلال الصهيوني لتسخير كل ما يستطيع من حيوانات وحشرات إلكترونية وطيور بهدف تحقيق أهدافه الاستطلاعية أو الهجومية.
ونشير هنا الى استخدام الاحتلال الاسرائيلي حيوانات الظبي الافريقي العملاق أو ما يعرف باسم "العلند العملاق" في مواجهة حزب الله، حيث أطلق عددا منها تتميز بقدرة كبيرة على أكل النباتات، على جبهته الشمالية لمواجهة مقاتلي حزب الله الذين يمكن أن يتخفوا خلف الشجيرات، وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية الأحد 25-1-2009.
ويشتهر "العلند" بقواطعه الحادة وولعه الكبير بأكل النباتات، جلبته (اسرائيل) منذ 30 سنة لتربيته في حدائق الحيوانات المحلية، وأكدت الصحيفة أن الجيش الاسرائيلي قرر نشر هذه الحيوانات في المنطقة الفاصلة بين السياج الأمني والحدود الدولية (الخط الأزرق) لالتهام المساحات الخضراء التي تعيق رؤية الجانب اللبناني والذي يمكن أن يختبئ فيها مقاتلو حزب الله.
وأشار إلى أنها تأكل كميات كبيرة من النباتات مثل "الجرافات" التي يستخدمها الجيش في تنظيف المناطق التي يحتلها، "فهي تأكل كل ما يمنع الرؤية وتفتح الممرات" كما يقول مسؤول اسرائيلي.
وسبق لكتيبة مشاة اسرائيلية أن استخدمت حيوانات اللاما في الحرب الأخيرة على لبنان في يوليو 2006 من أجل نقل الذخيرة والمؤن للجنود في منطقة بنت جبيل.
ولا زال الاحتلال يستخدم الكلاب البوليسية للكشف عن المقاتلين خلال عملياته في الضفة المحتلة وقطاع غزة، فضلا عن استخدامها في مواجهة الانتفاضة الحالية في الداخل المحتل كما حصل مؤخرا مع الشهيد نشأت ملحم في وادي عارة حيث أطلقت القوات الاسرائيلية، بحسب شهود عيان، كلبا بوليسيا للتأكد من وجود ملحم في المنطقة ما دفع الشهيد لاطلاق النار نحوه وقتله، لتداهم القوات الخاصة بعدها المكان وتغتاله.
تعليق واحد
تعليق جديد