إذاً استطاع أبو مازن عقد المؤتمر السابع لحركة فتح رغم كومة التحديات التي كانت تعترض طريقه، هدد التيار الدحلاني ومازال، لكن الرئيس غير مكترث بأحد، وبدا ذلك واضحاً بما استهل به حديثه بعد طول إطراء وانشاء : " إلى مش عاجبه يصطفل " قالها عباس، لكن الذين لا يعجبهم الأمر كثُر، فمن قصد منهم ؟ هل هم جماعة غريمه الطموح محمد دحلان الذين يصفهم بـ (المتجنحين) وقد باتو يشكلون تياراً خطيراً ووازناً داخل الحركة، أم أن عنترية الرئيس أعلى مستوىً من ذلك، هل يقصد رئيسنا الرباعية العربية ؟ هل يقول لمصر والأردن والإمارات والسعودية : " اصطفلوا " ؟
لسنا هنا بصدد الحديث عن كل جزئية في افتتاحية المؤتمر، فالأكيد أن تبعات الحدث لن تتبدى كاملة في اليوم الأول، مع أن انتخاب أبو مازن بكل هذا الإجماع لقيادة حركة فتح، كان مثيراً للغرابة، إذ بدا الأمر وكأن المجتمعون يقرأون البيان الختامي للمؤتمر، في يوم الافتتاحية !
قلنا في تقارير سابقة أن الهدف الأساسي من المؤتمر السابع هو تجديد انتخاب أبو مازن قائداً لـ ( أم الجماهير ) ثم تدعيم ذراعه التي ستنصب مقصلة للتيار الدحلاني المتعاظم، ويوم أمس نشرت نبأ برس تقارير تحليلية دقيقة عن الهدف الذي دفع أبو مازن لتوجيه دعوات لحماس والجهاد الاسلامي للحضور، لخصنا القضية بأن الرجل يريد أن يعطي لمؤتمره زخماً وشرعية ضمنية لمخرجاته من كل الشرائح الوطنية، وهو ما نراه اليوم .
يحق لنا في اليوم الأول لهذا المؤتمر أن نقول بأنه " واضح من عنوانه" ، وأن القضايا التي جمعت (أم الجماهير) لمناقشتها أكثر من 1300 عضواً ليست اللاجئين ولا الاستيطان والقدس و حق العودة، وليس مناقشة الوضع الوطني البائس والمتعثر منذ سنوات، إنما شخصنة الحركة الأكبر والأعرق وحشو المزيد من الطلقات في بندقية أبو مازن، كي يستمر في الهجوم على خصمه، بل على خصومه .
لسنا مع دحلان، والأكيد أيضاً أننا لسنا ضد عباس، فكلاهما في نظرنا أبناءً لبرنامج أثبت عجزه وعقمه عن تحقيق أية إنجازات فعلية على مدار عقود خلت، وكلاهما في نظرنا أدوات تدعمها جهات عربية وإقليمية هي في أحسن أحوالها صديقة ومطبعة مع ( إسرائيل)، ولكننا ضد أن ينظف أحدمها نفسه بالشهداء وبالجرحى وبتضحيات من رحلوا، وضد أن يفرض أحدٌ نفسه علينا بسيف تاريخه الذي قضاه في سجون الاحتلال، ثم خرج منها ليصبح صديقاً حميماً مع سجانه وجلاده !
لابد لهذه الموجة أن تنتهى، ولهذه الصفحة أن تٌقلب، وإلى أن يأتِ ذاك اليوم، سنتجاهل كثيراً ونصمّ آذاننا عن خطب الإنشاء، والإطراء، لأن المختصمان في كفة واحدة، وما نثق به، أن تلك الكفة ليست الكفة التي فيها فلسطين ..
* رئيس التحرير
كن أول من يعلق
تعليق جديد