يصر المقدسيون لليوم الخامس على التوالي ومعهم موظفي الأوقاف الإسلامية وحراس المسجد الأقصى المبارك على التصدي للعدوان الاسرائيلي بحق المسجد والمدينة المقدسة، في الوقت الذي يلقي فيه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خطابا مطولا لمدة 40 دقيقة في الأكاديمية الصينية للحوكمة في بكين، متجاهلا أحداث "العاصمة المحتلة" بشكل فاضح، ويكلف وفداً فلسطينياً بالتوجه إلى العاصمة الأذرية باكو.

لم تتجاوز مواقف السلطة الفلسطينية منذ انفجار الأوضاع في مدينة القدس المحتلة عتبات الإدانة والشجب والتحذير من اجراءات الاحتلال ومغبة تغيير الوضع التاريخي القائم في المدينة، في حين لا تتوقف الأخبار العاجلة والمتسارعة الواردة من باحات الأقصى والتي تعكس خطورة ما تتعرض له المدينة وسكانها على يد جنود الاحتلال.

وخلا خطاب عباس في الصين، من أي تصريح أو تلميح لما تتعرض له "العاصمة الشرقية للدولة الفلسطينية" والتي أتي على ذكرها لمرة واحدة فقط، وذلك في سياق حديثه عن رؤيته للسلام في المنطقة.

فيما يتحرك سكان المدينة بشكل فردي دون الالتفات لمواقف القيادات الفلسطينية انطلاقا من مبدأ "اخلع شوكك بيدك"، إذ قرروا عدم الدخول للصلاة داخل المسجد من خلال البوابات الالكترونية التي نصبها الاحتلال على المداخل.

إلى جانب دعوات أطلقتها هيئة "الوقف" خلال مؤتمر صحفي على لسان المفتي محمد حسين لإغلاق المساجد يوم الجمعة القادم، والتوجه للصلاة بكثافة في محيط المسجد الأقصى.

وهنا يقول المحلل السياسي عبد الستار قاسم، إن الرهان الصحيح في الشأن الفلسطيني يكون على المواقف والتحركات الشعبية، خاصة في ظل ضعف المواقف الرسمية الفلسطينية على مدار السنوات الماضية، مضيفا أن الموقف الرسمي موقف متهالك، أثبت يقينا أنه يعمل ضد القضية الفلسطينية، بل وأصبح عبئا عليها لا رصيدا لها.

وفي هذا السياق يؤكد المحلل السياسي وليد القططي في حوار مع "نبأ برس" أن السلطة الفلسطينية فرطت وبمحض ارادتها بأوراق القوة التي تمتلكها على قلتها، ومنها التهديد بوقف "التنسيق الأمني" مع الاحتلال في حال صمم على المضي في اجراءاته داخل باحات المسجد.

ومن الواضح أن سلطات الاحتلال تتصرف بتجاهل كامل للسلطة الفلسطينية على أرض الواقع، رغم ارتباطهما بملف التنسيق والذي يعود بالنفع المطلق لجانب الاحتلال، والذي تكبح بموجبه جماح المقاومة الفلسطينية بمختلف اشكالها، حسبما يوضح القططي.

بيد أن المحلل قاسم، رأى أن الانظمة العربية ومعها السلطة الفلسطينية "والتي تربط مصلحتها بوجود (اسرائيل) لا تستطيع أن تشذ عن تغليب هذه المصالح، رغم ما نسمعه من تصريحات إعلامية صاخبة بغلاف وطني" كما قال.

ويتابع "العمل يكذب القول"، و ما نراه على الارض من ممارسات للسلطة يكذب كل أقوالها ومناداتها المتكررة "بحماية العاصمة الشرقية".

وبعيدا عن خطاب عباس ومواقف السلطة المتخاذلة مما يدور في باحات المسجد الأقصى، لو أجرينا مراجعة خاطفة لمواقف وتصريحات السلطة الأخيرة، لرصدنا تنازلات بالجملة عن القدس والأراضي المحتلة.

فها هو عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، يقدم تنازلًا يقضي بأحقية اليهود في حائط البراق بمدينة القدس المحتلة، وسبقه بتقديم التنازلات الرئيس عباس، والذي أعرب عن تخليه عن حق العودة إلى بلدة صفد، والتي هجر منها وهو طفل مع أهله أثناء حرب 1948.