تقديم إجابة حول السؤال الآنف، لا يعد أمراً يسيراً بالنسبة لكتائب القسام- الجناح العسكري لحركة حماس- وهي الجهة التي تقوم على أسر هؤلاء الجنود، ليس لأنها لا تملك إجابة شافية، ولكن "لا شيء بالمجان"، كما تقول.

من ناحية واقعية، تبدو ظروف اعتقال هؤلاء الجنود معقدة تماماً لدواعي أمنية بحتة، لا يمكننا الخوض في تفاصيلها لدواعي وطنية وأخلاقية أيضاً، لكن يبدو السؤال مشروعاً، حول إذا ما كان هؤلاء الجنود يأكلون لحوم الأضاحي مثلما جرت العادة في قطاع غزة، أن يتناول الناس اللحوم في اليوم الأول للعيد "الكبير". 

ويحرم في الشريعة اليهودية، خلط اللحوم مع اللبن، وعليه يحظر على اليهودي أن يتناول اللحوم والجبن أو الزبد او اللبن فى وجبة واحدة، علماً أنه جرت العادة في قطاع غزة-المكان الذي يعتقد أنه يؤسر فيه الجنود الأربعة- أن يتناول الناس اللبن مع الوجبات الدسمة كالرز واللحم. 

ومن الواضح أن الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" الذي سبق وأن أسرته المقاومة الفلسطينية، وأفرج عنه بموجب صفقة وفاء الأحرار 2011، قد خالف ما نصت عليه الشريعة اليهودية التي تمنع على اليهودي تمامًا تناول الطعام مع الأغيار، حيث ظهر في لقطات مصورة، أنه يشارك خاطفيه في رحلة شواء على شاطئ بحر غزة.

وبالتالي، فإن هذا الأمر يعطي دلالة غير مباشرة، على أن الجنود الأربعة الذين تأسرهم كتائب القسام، قد مارسوا هذا الطقس، لكن أين وكيف ومتى، فهو أمر مجهول. 

وبكل تأكيد، فإن "وحدة الظل" التي كانت تشرف على عملية أسر "شاليط"، هي التي تتولى مهمة تقديم طعام الغذاء للجنود. وفي الوقت الذي نثير فيه التساؤول حول طبيعة الطعام الذي يتناوله الجنود، يبدو مؤكداً أنهم يعيشون ظروفاً متطابقة مع ظروف الغزيين الذين يكابدون عناء انقطاع الكهرباء لأكثر من 20 ساعة متواصلة، هل تعي ذلك حكومة "بنيامين نتنياهو"؟. 

وتتطلع حركة حماس وفق ما نقل عن عدد من قياداتها، إلى إبرام صفقة على غرار صفقة "وفاء الأحرار" تمكنها من تبيض السجون الإسرائيلية بالإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين. وحتى حصول هذه الصفقة، فإن أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام، لايزال عند قوله أول مرة: "إن إسرائيل لن تحصل على أي معلومات إلا "عبر دفع استحقاقات وأثمان قبل المفاوضات وبعدها"، في إشارة إلى الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.

وتنسب وسائل الإعلام العبرية، استقالة "ليئور روتم" المنسق الإسرائيلي المسؤول عن المفاوضات لاستعادة جثث الجنود والمدنيين المحتجزين لدى حركة حماس في غزة، من منصبه، لتوصل المفاوضات بين إسرائيل وحماس إلى طريق مسدود.

ونقلت صحيفة "هآرتس" عن "روتم" قوله "إن مساحة المناورة بالمفاوضات التي يحددها المستوى السياسي له لا تمكنه من التقدم بالمفاوضات، بل وتقلصت مؤخرا".

ويتطابق ما نقلته الصحيفة عن "روتم"، مع اتهامات سابقة وجهتها "ليئا غولدين" والدة الجندي الإسرائيلي "هدار غولدين"، للحكومة الإسرائيلية بأنها تتخلى عن الجنود بعد إرسالهم للقتال في غزة. لكنها عادت وقالت في الخامس والعشرين من آب الماضي، في مقابلة أجرتها معها القناة العبرية الثانية بعد يوم واحد من استقالة "لوتان" إنها تشعر بأنها تركت لتواجه مصيرها لوحدها بعد تخلي الحكومة الإسرائيلية عن واجبها باستعادة الجنود الذين أرسلتهم إلى غزة.

في المقابل، أبدى وزير الجيش الاسرائيلي "افيغدور ليبرمان"، قبل ستة أيام، تعنتاً واضحاً في مسألة القبول بإبرام صفقة مع حركة حماس، وقال موجهاً رسالة إلى عائلات الجنود الاسرائيلين الأربعة: "لن نعيد خطأ صفقة شاليط".

وبما أن موقف "ليبرمان" يمثل حكومته المتشددة، فإن هذا التجاهل سيبقي الجنود قابعين في الأسر، علماً أنه أي كانت ظروف اعتقالهم، لكنها تظل أكثر انسانية من الظروف القهرية التي يعانيها الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية في ظل حملات التفتيش القسرية التي تمارسها مصلحة السجون بشكل يومي، من دون أن يحظوا بلقمة هنية في أحضان عائلتهم، ليشاركوهم فرحة النحر وأكل لحوم الأضاحي.