في مدخلٍ طويل ضيق، حجارته قُدسية، يتماثل إلى حدٍ كبير مع حارة باب السلسلة في القدس العتيقة، بدأت أحداث مسلسل بوابة السماء تتكشف، وهو المسلسل الرمضاني الذي يعرض حاليا على فضائية الأقصى ويتحدث عن التضييق الإسرائيلي على سكان المدينة والتحايل الذي تمارسه الجماعات اليهودية المتطرفة للاستيلاء على المنازل العربية هناك.

تتواتر الأحداث في المسلسل تباعا مع كل حلقة جديدة لتكشفَ المؤامرات التي تُحاك حولَ مواطنين مقدسيين للاستيلاء على عقاراتهم مستخدمين الحيل النفسية والعسكرية التي تدفع بالمقدسي دفعا للبحث عن مكانٍ أكثر أمنا غير أنهُ يرفض متمسكا بوجوده في المدينة.

المسلسل الذي يتحدث فيه الممثلين بلهجة غزيةٍ واضحة، وترتدي فيه النساء اليهوديات الحجاب الإسلامي في سقطةٍ لم تخفَ عن أي مُشاهد، كانَ المبهر فيه ديكوراته التي حاكت شوارعاً ومنازلاً ودكاكين مقدسية بشكل أقرب إلى الحقيقة.
مدير الانتاج والبرامج في فضائية الأقصى سمير أبو محسن قال لـ”نبأ برس” أن فضائية الأقصى والتي تنتج مسلسل باب السماء استعانت بمدينة أصداء للإنتاج الفني والإعلامي لبناء ما يماثل مباني وشوارع القدس العتيقة بعدَ أن رسي عطاء انتاج فكرة المسلسل على مهندس من غزة وشركة مقاولات محلية.

وتابع :" تنافُس القنوات الفضائية في جلب المشاهدين في رمضان فرض علينا أن نبحث عن طريقة للوصول إلى شريحة كبيرة من الجمهور داخل فلسطين وخارجها لإيصال الصورة عن مقاومة القدس بعيدا عن البرامج الحوارية والأخبار"، مشيرا إلى أن القناة بدأت بإنتاج مسلسلات رمضانية بطول ساعة مشاهدة في اليوم الواحد قبلَ أربعة أعوام، ولها من الأعمال الفنية أربعة، وناقشَ مسلسل رمضان الماضي 2016 قضية الفدائيين الفلسطينيين في الضفة الغربية في مسلسل حملَ اسم الفدائي، ويناقش مسلسل رمضان هذا العام قضية المضايقات التي يتعرض لها المقدسيين على يد الاحتلال الإسرائيلي وحمل اسم بوابة السماء.

وأكدَ أبو محسن إن صناعة ديكورات تشابه الأحياء في القدس العتيقة لم يكن صعبا عليهم كصعوبة إيجاد كاتب سيناريو ومخرج محترفين، إذ أن العمل على كتابة السيناريو والتحضير للمسلسل أخذَ وقتا طويل نسبيا مقارنة بوقت انتاجه، والذي بدأ مطلع ديسمبر 2016.

وتابع :" كانَت صناعة المكان للتمثيل فيه بمساعدة مدينة أصداء للإنتاج الإعلامي نقلة نوعية إذ تمكنا من نقل المشاهد إلى أحياء القدس بحيث يشعر أنه يعيش في أجواء حقيقية، وكان رجع الصدى الذي وصلنا بعدَ عرض عشرة حلقات من المسلسل إيجابي".

مدير مدينة أصداء للإنتاج الإعلامي محمد ثريا قال لـ"نبأ برس" أنهم استعانوا بمواطنين من حارة باب السلسلة في الضفة الغربية في تصوير شوارع الحي والمنازل بشكل محترف لصناعة ديكور يتماثل مع الحي في مدينة أصداء، مؤكدا أنه أَطلعَ عدد من المواطنين الغزيين الذين زاروا القدس على الديكورات قبلَ مباشرة العمل وأكدوا أنهم شعروا بأنهم في مدينة القدس العتيقة.

ولفتَ إلى أنهم بنوا المدينة عام 2007 لتحاكي مدن الانتاج الإعلامي في الوطن العربي ولإنتاج أعمال فنية تظهر القضية الفلسطينية، وعمل نماذج للأحياء في الضفة والمناطق المحتلة وتقريب الأذهان لهذه المناطق للدراما أو للجيل الجديد، مؤكدا أن الخطوة القادمة ستكون ببناء مجسم عن باحة المسجد الأقصى من الداخل، بالإضافة إلى الدرج الواصل لقبة الصخرة، ناهيك عن تخطيطهم لمحاكاة بناء مستوطنة إسرائيلية وسجن رامون، وقرية بدوية، وهي أفكار يجري اقرارها في الخطة الخمسية للمدينة.

وتابع ثريا :" انتاج المسلسلات الرمضانية في المدنية ساعدنا على توفير مبالغ مالية للشروع بتنفيذ الخطة الخمسية القادمة، وكنا في السابق قد استعنّا بالمرافق الترفيهية كالمدينة المائية ومدينة الألعاب التي بنيناها على أرض المدينة الإعلامية لتوفير المال اللازم لاستكمال بناء الديكورات والمباني الخاصة بالتمثيل".

الناقد الفني ماهر داوود أشاد بتجربة فضائية الأقصى في محاولة نقل المشاهد لمسلسل باب السماء إلى القدس العتيقة عبرَ صناعة ديكورات تشابه مباني أحياء وشوارع في مدينة القدس، قائلا :" جهود فضائية الأقصى في تمثيل المكان في مسلسل بوابة السماء كانَ أفضل ما فعله المسلسل الذي صور لنا أن الحياة في القدس قائمة على ردات الفعل المقاومة للاحتلال، فيما تناسى الحياة والحب في المدينة".

مضيفا :" من أبرز سلبيات المسلسل أنه لم يظهر التكوين الإنساني للقضية الفلسطينية، وألبس القدس ثوبَ المقاومة كل الوقت، وتناسى أن في المدينة الحب والجمال".

وتابع :" استخدام الديكور ضرورة في مسلسل من إنتاج غزاوي يتحدث عن القدس، وذلكَ لأن الوصول للمدينة للتصوير فيها مستحيل بحكم انقطاع الطريق بشكل كامل على أهل غزة من الوصول للضفة والقدس من قبل الاحتلال، والديكورات تقرب الصورة للمشاهد"، مشيدا بتجربة فضائية الأقصى الأولى والتي تسير بخطى ثابتة نحوَ النجاح.

ولأن تجربة استخدام ديكورات لتمثيل شوارع وأحياء هي الأولى من نوعها في العمل الدرامي الغزي، كانت تجربةً يُعتد بها حتى وإن سارت بخطى متثاقلة تجاه النجاح، وهي تمهد الطريق لأعمال دراما قادمة ربما تكون أكثر تمكنا.