بكثير من الخجل قال (ر.ش) أن الكدمات في وجهه سببها زوجته التي تجرأت عليه بعد حوارٍ حاد، وضربته بحذائها مرتين على وجهه الأمر الذي جعله يرد لها الصاع صاعين قبلَ أن يفر من المنزل قاصدا والديها ليشتكيها.

الرجل الأربعيني الذي طلبَ أن لا يُذكر اسمه صريحا، اعترفَ أنها المرة الأولى التي تضربه فيها زوجته، فهمن عادته أن يعنفها مرارا وتكرارا على تقصيرها بعمل المنزل دونَ أن تعترض، قائلا :" رد فعلها كان غير طبيعي فمن عادتها الاعتذار إن وبختها بشأن تقصيرها في أمر ما".

الناطق باسم الشرطة في غزة الرائد أيمن البطنيجي قالَ لـ"نبأ برس" أن حوادث اعتداء الرجال على النساء لازالت تسجل النسبة الأعلى، ولا تتعدى حوادث اعتداء النساء على الرجال ضربا أو قتلا كونها ردود أفعال.

وأشار إلى أن هذا العام سجل حادثة قتل واحدة ارتكبتها زوجة، إذ طعنت زوجها عدة مرات بعد أن استدرجته إلى منطقة خالية من السكان، وذلك بسبب خلافات عائلية، وهي الحالة الأولى من نوعها، وفق قوله.

ونشرت صحيفة يومية تصدر في غزة حوارا مع رئيس محكمة الاستئناف الشرعية في غزة عمر نوفل وأكد فيه وجود حوادث اعتداء وتعنيف تمارسها الزوجات ضد أزواجهن، مبررا إصدار القضاء الشرعي في القطاع لتعميم قضائي يحق بموجبه للرجل المعنف تطليق زوجته دونَ أن يكلفه ذلك دفع أي مستحقات للزوجة المطلقة، وقال بالنَّص :" جاء القرار بناء على اطلاعنا على حوادث عدة تبين أن هناك تعنيفا واقعا من الزوجة على الزوج، بمعنى أنه قد تعتدي الزوجة على الزوج قولاً أو فعلاً".

مديرة مركز شئون المرأة في غزة آمال صيام قالت لـ"نبأ برس" إن حوادث عنف المرأة بسيطة جدا ولا تقارن بحجم الخطر الذي يشكله الرجل على المرأة من خلال تعنيفها والاعتداء على حقوقها، مشيرة إلى أنه مؤشر على زيادة نسبة العنف الأسري بشكل عام في غزة.

وتابعت :" في المسح الوطني لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني لعام 2011 للعنف في المجتمع الفلسطيني تبين أن 17% من الرجال تعرضوا للعنف من قبل زوجاتهم، مفسرة ذلك بخلل توزيع القوى، والسلوك العنيف الذي بدأ يزداد في ممارسات أفراد المجتمع الفلسطيني. 

ورجحت صيام أن العنف الصادر عن النساء تجاه أزواجهن سببه الحالة غير الطبيعية التي يعيشها المجتمع في غزة، إذ يمارس الرجال العاطلين عن العمل والذي يقدر أعدادهم بالآلاف سلطتهم على نسائهم اللواتي من أهم واجباتهن القيام على خدمة الرجل حسب العادات والتقاليد والعرف السائد في غزة، الأمر الذي يدفع بالمرأة في بعض الأحيان إلى التمرد على هذا الوضع ومقابلة العنف بالعنف.

الخبير النفسي وأستاذ علم النفس في جامعة الأقصى فضل أبو هين قال لـ"نبأ برس" أن نسبة اعتداء النساء على الرجال في غزة قليلة جدا، ولا تشكل خطرا يدعوا للأرق والقلق، مضيفا :" لا يزال الرجل في غزة يحتفظ بسلطته على المرأة، وتربية الفتيات في مجتمع غزة تقوم على احترام دور الرجل والقيام على خدمته والانصياع لأمره سواء كان زوج أو والد أو أخ".

وتابع :" يمكن إدراج حالات عنف النساء ضد الرجال في غزة تحت مسمى ردة الفعل، إذ أن السلطة التي يقلدها المجتمع في غزة لبعض الرجال توهمهم بأنهم قادرين على التحكم بحياة النساء فيجبرون وفق ذلك زوجاتهم على العمل داخل المنزل وخارجه ويستولون على ما تحصلن عليه من أجر مادي، ويعنفونهن إن قصرن في أي من مهامهن اليومية، مما يدفع بعض النساء إلى الدفاع عن حقوقهن وإن تطلب الأمر استخدام العنف".