ما يُعيبنا كفلسطنيين أننا لا نُدرك قيمة الإنسان إلا بعد إستشهاده أو غيابه، شريف شلاش تسعة وعشرون عام قضاها بين وحشة الحياة ومأساوية الأوضاع ، إمتلك من الشرف ما لم يمتلكه قيادات قامت وقعدت ،كانت مروءته مستيقظة منذ زمن بعيد ، عاينّ وضعه ووضع غيره بنفسه ، استحوذت عليه غنى نفسه الشريفة حتى بات الوطن لديه أسمى ما يجتاح عقله وقلبه.
منذ أسبوع أطلق عليه صهيوني طلق متفجر أصابه في بطنه ، فجرّ كيانه الجسدي وبقيت روحه الطاهرة حية مُعلنةً ثارات بعد الشفاء ممن أصابه ، تفاقم وضعه خطورة ، وازداد تأهبه النفسي بين حياة قد يفارقها ، وعيال يبحثون عن لُقمة عيش ، وثأر من محتل ، حتى إستقر بالأمس عند ربه فهو الأكثر أماناً وعدلاً من قيادة ليس لديها ملكة ضمير والأكثر رحمة من محتل يتلذذ بالقنص ويتغنى بالإنسانية ، وهذا العالم الذي يتلذذ بمعاناتنا تواطأً مع الأقوى.
لم تسعفني كثيراً كلماتي في التهوين عليّ لأنني أعلم جيداً أن بذاءة الواقع فاقت السماء ، ومنذ البداية لم أُشجع على هذه الخطوة الحدودية ، إلا أن شريف وأمثاله لم تعد تفرق معه هذه الحياة في ظل هذه الظروف الصعبة ، أو أنه ذهب تباعاً وفاقاً وتلبيةً لنداء من دعوه بإسم الوطن ، ولكن المعادلة هي قاب قوسين أو أدنى "الوطن للأغنياء .. والوطنية للفقراء والكادحين " ، ليس تخويناً بل هذه الكلمات لم تُجدي للتهوين أيضاً ، والمجاملة على عتبات الظُلم اللاواعي كفرٌ يستحق إقامة المحاكمة ..
رحم الله شريف ذهب جسده وبين ثنايا إسمه شرف وصدق لا يحوزه كل من قال أنه فلسطيني أو مقاوم، من رأى فيديو زوجته وهي تبكي على فراقه وتلطم نفسها من بعده ، هذه هي الحقيقة ، وهي كانت تلطم نفسها بوجوده ومن بعده معاينةً واضحة لواقع فُرض بعدة مسميات سأتحفظ عليها حتى تُبان الحقيقة الكاملة.
جذوة الصراع المشتعلة من أطفأ معالمها ومن أنسانا أبجدياتها فهي الضرورة الوطنية والجهادية الواجبة كي ننتهي من كل فكر معوج وصهيوني النزعة ومن وضع العقبة الذي أمُليّ علينا ..؟!
شريف أعلم أنك خاطبت نفسك أنك لن تغفر ولن تنسى كي لا تلفظك فلسطين وأعلم أن حاصلك الذي تعيش فيها تراوده الملائكة ويأتيه الشرفاء أكثر من قصور وبيوت قادة كتبوا على أنفسهم التناقض والحياة وفقاً لمصالحهم..
لله درك يا وطني المكلوم بين حُجيرات مُنافقة ومُحتلة ..!
كن أول من يعلق
تعليق جديد