لم أتخيل نفسي يوماً ان أعيش في ازقة المخيمات بحكمي إبنة مدينة وبطبعي أعشق الازعاج يمكن لانه يمشي بدمي  أو إني تعودت عليه منذ ولادتي ، لا أعلم أن المخيم وأزقته جميلة بحجم جمال السماء وطول البحر ، عندما تجولت في أزقته أعجبتني فكرة الشوراع الصغير التي لا يمكن أن يدخلها سوا شخص او إثنين فقط فهاذا شي غريب ومضحك  وبنفس الوقت ممتع.

كانت أعيني تسبقني على الكتل الاسمنتية المتلاصقة كحبات البرد في الجليد ، أنظر لها وأتعجب ليست فقط بأنها جميلة لا وإنما لانها مذهلة ليس بين الواحدة والاخرى سوا متر ولمنازل أشبه بخرابة أو اذا صح القول إنها بيوت مسكونة مهجورة ، وبداخلها أرواح معلقة بأمل الحياة التي نسمع نحن عنها ، لهذه الأرواح حكايات تبدأ من السور الخارجي للمخيم .

يقطن بالمخيم العم ابو جاسر الذي عاش بين اسواره اكثر من أربعون عاماً وعايش جميع الأجيال التي ولدت فيه واشتهر بشكل جنوني ويلقب بالأب الروحي لأبناء مخيمه لا أعلم ما السبب وانما يكون السبب لانه أكبرهم سنناً ، يكبر وكبر بين اسواره المقعدة التي تحمل حكايات ترويها تجاعيد وجه ويديه الممزقة، الممزقة بالعمل الشاق منذ هجرته من بلدته إلي المخيم الذي اعتبره سجننا ومهجراً له ولعائلته ولاألاف من عائلات المهجرة.، تفاصيل وجه المجعد ويديه الممزقة وعيونه التي تتكلم بلغة بالغة من الدمعِ ، يقول إستضافني هذا المخيم أكثر من اربعين عاماً ما حال الان لنرجع، يبدو أن المخيم أزعجناه وإننا ضيوف ثقال عليه ، اخدت أرسم ملامح حزنه بريشتي ففشلت لان ملامحه تنطق وتروي حكاية مهجر وعذاب وقهر لقمة عيش مغمسة بقطرات دماً من طفلاً صغير فاقد لحنان والده الذي استشهد بعدوان ضرب المخيم وسرقه  إبتسامته كالموج الغادر ببحر مدينتي ، اصرح بين لعب الاطفال وانسى نفسي لشدة عشقي للهو معهم  ولتأمل بتفاصيل اطفال لمخيم ورح الحب بينهم وتقاسمهم الدمى من بينهم وهي واحدة غريب امرهم بأن الحب مستمر بتلك القلوب،  يجذبني جمال اللباس الممزق البالي على طفلة جمال وجهها ينطق ولون عيونها تصرخ أنا طفلة حقي ان يكون لي لباس وليس منزلاً، وشاباً عاش قهراً منذ صغره كان يحفر بالصخر ليرجع فرحاً لوالدته ومعه 5 شيكل وكأنه يمتلك المليار أبتسم من تلك البساطة التي عدمت من حياتنا الأن ، بداخله حكاية امراءة شهيد ملقبة بالعصامية القوية التي بقيت على طفليها ولم تقبل ان تتركهما لانها تعلم جيدا لا حضناً يعوض عن حضن والدهم وكيف لو كان ايضاً حضنها، جمال حياتهم لا تشبه قهر حياتنا وقساوة ألامهم ، يصعب علينا ان تحمل ضجر حياة لمدينة وايضا يصعب أن تحمل عذاب المخيم وإن عدنا الي الطريق المسلك لمتنا بقهراً أليم