قضية الجامعات الفلسطينية عموما وفي قطاع غزة على وجه التحديد ليس قضية شخصية او قضية موسمية، وأنا هنا لا اريد الخوض في عمق وعراقة الجامعات الفلسطينية وهي مشهود لها، هذا الوضع والموضع يقتضيان ان تكون الجامعة الفلسطينية في عين العاصفة دون طابوهات او محرمات وكأنه عجلا مقدس لا يمكن الاقتراب منه. وهذا المقال محاولة للخوض في حقل الالغام الذي وضعته الجامعات الفلسطينية حولها ، الهدف منه القول لصانع القرار ان هناك خلف هذه القلاع ما يستحق الوقوف والمراجعة، وان دافع هذا المقال انني كنت كتبت بوست يتعرض لاقالة رئيس احدى الجامعات، وتعيين رئيس اخر من خارج الجامعة وحدوث عملية جدل كبيرة جدا اقتضت التعرض لها ولكن ردود الفعل والتعليقات اوجدت لدي قناعة بضرورة توضيح بعض من الواقع وليس كله. وقد خصصت نبأ برس بهذا المقال .   

اولا: اتهم تقرير الفساد ومكافحته" الفلسطيني" نسخة العام 2013 والمتعلق بجزئية واقع الشفافية في الجامعات الفلسطينية إياها بعدم نشر البيانات والتقارير المالية والإدارية الخاصة، "مما يثير شائعات بين الحين والآخر حول موازناتها من ناحية وحول آليات اتخاذ القرار لمراكزها القيادية من ناحية أخرى".

ثانيا: ناقشت الباحثة نعيمة محمد حرب رسالة ماجستير بعنوان واقع الشفافية الإدارية ومتطلبات تطبيقها في الجامعات الفلسطينية في العام 2011. يمكن مراجعتها والاستعانة بنتائجها.

ثالثا : كتب الاستاذ الدكتور ابراهيم ابراش أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر ووزير الثقافة الأسبق مقال بعنوان " الجامعات الفلسطينية ما لها وما عليها" قبل عامين وتحديد في يوليو 2017 ومما جاء في المقال ".... مشكلة الجامعات في قطاع غزة جزء من المشكل العام للقطاع من حيث عدم وضوح المسؤولية، ولِمَن يخضع القطاع؟ لسلطة حركة حماس أم لسلطة حكومة الوفاق الوطني؟ وبالنسبة للجامعات لِمَن تخضع الجامعات لوزارة التعليم في الضفة الغربية أم وزارة التعليم في قطاع غزة؟ وفي حال حدوث إشكال فهل سيتم حله من خلال سلطة وقضاء ومحاكم الأمر الواقع في القطاع أم لسلطة وقضاء ومحاكم السلطة الوطنية؟...

هذه الحالة من الالتباس وعدم وضوح المسؤولية أفسحت المجال لوجود جامعات حزبية عقائدية خالصة وهو ما يُضعف من قيمتها العلمية، كما أفسحت المجال لبعض رؤساء مجالس الأمناء ورؤساء الجامعات ليتسيدوا على الجامعات ويتصرفوا باستبداد ودكتاتورية ضاربين بعرض الحائط قوانين الجامعة والقانون الأساسي الفلسطيني، موظفين ما لهم من صلاحيات لقمع حرية الرأي والتعبير وتصنيف العاملين في الجامعة وخصوصا الأكاديميين ليس من خلال كفاءتهم بل من خلال ولائهم لرئيس مجلس الأمناء أو رئيس الجامعة، والتصرف بالجامعة وكأنها ملكية أو إقطاعية خاصة بهم، مستقوين بموقعهم الحزبي أو بعلاقتهم مع بعض مراكز القوى التي تتشكل داخل السلطة، أو ببعض المقربين من الرئاسة في رام الله، ومستقوين أكثر من ذلك بعدم اهتمام الحكومة ووزارة التعليم في رام الله بما يجري في مجال التعليم العالي في القطاع، كما ذكرنا.

ويضيف ....للعمل الاكاديمي شروطه وضوابطه، وبالعودة للمعايير التي بمقتضاها يتم تصنيف الجامعات يأتي معيار سمعة الجامعة على رأس هذه المعايير، والسمعة تتضمن عناصر الشفافية في التوظيف والترقيات، وحرية الرأي والتعبير لأعضاء هيئة التدريس، والالتزام بقوانين الجامعة واحترام التسلسل الهيكلي والوظيفي لإداراتها، واحترام نقابة العاملين وتمكينها من القيام بعملها. عندما يتم تسييس أية جامعة ويتم تسبيق الولاء على الكفاءة والأداء، تفقد الجامعة قيمتها العلمية وسمعتها، وستكون جامعة مصيرها الفشل والانهيار......أن يكبح الأكاديميون جماح غضبهم ويصبروا أحيانا عن قرارات وتصرفات غير قانونية تمسهم شخصيا وتمس الجامعة، فإنما حفاظا على سمعة الجامعة، لأن الجامعة مؤسسة وطنية، إن لم يكن القائمون عليها حريصين على سمعتها فالعاملون في الجامعة حريصون، وعند الضرورة وفي الوقت المناسب سيتم فتح كل الملفات.هذا التصرف من طرف بعض الذين وضعتهم الظروف الملتبسة في موقع المسؤولية عن بعض الجامعات لن يؤسس جامعة محترمة وسيسيء لسمعة الجامعة. وبالتالي يمكن تَفهم لماذا حصلت جامعة بير زيت وجامعة النجاح الوطنية على تصنيف متميز، بينما من غير المتوقع أن يتم إدراج بعض الجامعات ضمن أي تصنيف". انتهى مقال أبراش.

اما التفاصيل وهذا بعض منها وليس كلها ...

رئيس جامعة توحم على القطايف وعندما تذوقها اعجبه صنيع البائع فقام بتوظيفه في الجامعة ، ثم شطحت معه فاعتمد كشف لاكثر من 30 موظف في وقت كانت من يتحصل على ساعات ابو زيد خالو وظف جناينية وسواقين واداريين والاكاديميين وحملة الدكتوراه والله يعملون حراسات ليلية واشراف عمال وبطالة كمان ومن كان في بحبوحة عمل بائع في محل.

دكتور علوم سياسية عمل في احدى الجامعات خمس سنوات بند ساعات بعدها قامت الجامعة بتسريحه بتعسف ووظفت بدلا منه ابو رموش جريئة وبدرجة الماجسيتر رغم ما في الامر من مخالفة قانونية واكاديمية.

برنامج الماجستير في احد الجامعات العريقة الكبيرة كما وصفها احدهم في تعليقات سابقة، تقدم للبرنامج ابن قيادي جهبذ ورسب في المسابقة كتابيا ولم يكن بامكانه اجتياز متطلبات برنامج الماجستير لكن بقدرة قادر وجد عميد الكلية ان الطالب سجل ويحضر وعلمت انه تخرج ايضا.

مدير بنك هو الآخر رسب في مسابقة الماجستير بنفس الجامعة ولكن بقدرة قادر تغيرت الاوراق والنتائج ونجح ودرس ماجستير، عميد الكلية شد شعره واعترض ورئيس القسم سار يغني يا ويلاه، لكن الامر كان من فوق وهاته موثقة بالمراسلات الداخلية.

طالب حقوق رسب اكثر من مرة في الفصل الدراسي ثم تغيب خارج البلاد لاكثر من فصل، ثم ذهب لجامعة اخرى وامتحن فقط في المادة التي رسب بها عدة مرات وعاد بالنتيجة واعتمدت نتيجة الجامعة الاخرى، علما بأن العميد اعتراض وبان الطالب لم يسدد الرسوم ولم يكن له ملف في الجامعة. حد يجيب عن قانونية هذ الحالة وهل تتطابق مع لوائح الجامعة.

دكتور جامعي ترس احد المؤسسات الاكاديمية العريقة تبين انه زور وثائق رسمية تفيد بانه درس في احد الجامعات، وعندما راجع رئيس الجامعة الجامعة العربية انكرت الاوراق وشهادات الخبرة ، هذه يسأل عنها الدكتور رياض الخضري، او رئيس جامعة القاهرة.

دكتور جامعي قام بسرقة كتاب كامل ونسبه إلى نفسه، وعندما اكتشف رئيس الجامعة للأمر وتوجيه انذار بالفصل للدكتور، ويمر الأمر مرور الكرام ثم يعين هذا الدكتور لاحقا عضوا في اللجنة الدستورية العليا رغم ان ملفه الأكاديمي وسرقاته الأكاديمية تمنع توليه مثل هذا المنصب.

جامعة تقوم بعقد مؤتمر علمي وتشكل لجنة تحكيم علمية أكاديمية وتولي أستاذ دكتور رئاستها، ليكتشف رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر أن هناك أبحاث واوراق قدمت للمؤتمر دون علمه ودون ان يجيزها او يراجعها.

دكتور جامعي في قسم الدراسات الإسلامية قام بتسليم درجات الطلبة للعميد والذي سأله إن كان قد راجع الإجابات فأجابه بنعم، ليقوم العميد بإخباره بأنه لم يستلم أوراق امتحانات الطلبة من الأصل.

هذا الشق العلمي والاكاديمي فقط.. لاحقا ستكون لنا وقفة في الانفاق المالي والمناقصات وكيفية ارسائها وكيف سقط سقف احدى الجامعات وقدر الله ولطف ، ثم التوظيف وكيف تقوم به جهات سياسية وتوصي بتعيين هذا الكشف، وكيف يصبح عقيد امني محاضر جامعي .

وكيف يخصص لبعض المسؤولين قاعة امتحان خاصة به وبالتوقيت الذي يناسبه.

من المضحكات المبكيات أن محاضر زوجته طالبه عنده، اطلعها على ورقة الاسئلة فلم تكتف بل قامت باجابتها اجابة نموذجية وفي الامتحان تبين للمراقب ان لدى الطالبة ورقتين اجابة في حين انه وزع ورقة واحدة واكتشف انها استطاعت اجابة الامتحان كله رغم انه لم يمض من الوقت اكثر من ربع ساعة فقط بالضبط 17 دقيقة. ونجحت بحمد الله توفيقه بس الغلبان المراقب "تغبر" الله لا يحطكم مكانه.