لا يمكن تخيل وقع الصدمة لإنسان أفاق صباحا ليجد نفسه وأسرته بلا شيء ...هكذا ....تم قطع راتبه الوحيد الذي يعتاش عليه هو وأطفاله، لماذا؟ لمجرد انتماؤه السياسي أو اعلانه تأييد جهة سياسية ليست هي الجهة الحاكمة فيما اعتاد شعبنا أن يكون جزءا من الأحزاب القائمة وهذا أولا نتاج تعبئة ورغبة منظمة التحرير التي جمعت شعبنا المشتت من جديد في الستينات وقدمت ما يشجع الفلسطينيين في الوطن والشتات الانضمام للأحزاب السياسية.
كان ياسر عرفات سعيدا بحركة بفتح وسعيدا أيضا بأن يرى شعبنا يتوزع على الفصائل الأخرى دون أن ينظر للأمر باعتباره مدعاة للصراع والكراهية وهنا حين تنقطع رواتب الناس لمجرد التأييد السياسي كأن السلطة أو حزبها الذي يقودها كأنه يقول للناس ابتعدوا عن السياسة ولا تؤيدوا الفصائل والأحزاب كونوا حياديين تجاه مشروعكم ولا تهتموا بالأحداث وفي أحسن الأحوال إذا أردتم أن تكونوا سياسيين فليس لديكم سوى حركة واحدة أو حزب واحد يعطيكم الفرصة لتولونه لتستحقوا وظائف ورواتب وتلك مشكلة فعلتها أنظمة قديمة لكن الأن من الصعب تصور ذلك.
بين الموظف والدولة عقد عمل وليس عقد ولاء وهذا ما يجب أن تعرفه السلطة وهنا فإن الحكم بين الموظف وسلطته هو القانون والعقد الموقع وليس رأيه ورؤيته للأحداث فالناس ترى نفس الحدث بمعايير مختلفة إلا إذا كنا نريد تنميط البشر أي جعلهم نمط واحد بموقف واحد ورمزية واحدة وولاء واحد وأن نعطيهم اسما واحدا.
الأسوأ من ذلك ليس فقط بالمعنى الانساني على جسامته وتأثيره على الفرد وأطفاله والصدمة التي لا يمكن علاجها والضياع الذي يلحقه بل أن السلطة هنا تخطئ لأنها تتصرف بما هو أقل كثيرا من سلطة أو مشروع دولة فما تفعله من حرمان غير الموالين لحركة فتح هو تمويل السلطة وكأنها جزء من مؤسسات الحركة أو شأنا فتحاويا خالصا وتلك خطيرة جدا يخشى أن تصبح تقليدا فما لو أجريت الانتخابات يوما ما وفاز بها تنظيم غير حركة فتح كأن الأخيرة هنا تعطي رخصة شرعية وصلاحية للفائز بأن يفصل ويطرد كل موظفي السلطة باعتبارهم ليسوا موالين له أو هم من الارث القديم باعتبار هناك سوابق لذلك سجلته السلطة.
وهنا فإن السلطة تتصرف كما تتصرف الفصائل التي لا تهتم سوى لذاتها ومؤيديها توزع عليهم المساعدات والكوبونات وتحرم غيرهم وهنا مشكلة كبيرة حين تهبط سلطة الشعب الفلسطيني لهذا المستوى ويصبح سلوكها بهذا الحجم وتعيد تكريس ثقافة الولاء والموالاة فنحن أمام واقع ومستقبل مخيف في بنية المؤسسة وكأننا نعيد إنشاء القبيلة بثقافة القبيلة.
ماذا يعني وقف راتب أسرة شهيد ترك خلفه أطفالا ودفع حياته في معارك التحرر الوطني وكم يهم إن كان الشهيد مؤيدا لتنظيم ما فقد غادر دنيانا والراتب هذا للأطفال الذين تركهم أمانة في عنق السلطة وربما أن هؤلاء لا يؤيدون أحد ، ماذا يعني وقف راتب أسير أو حتى مؤيد لحزب أو جماعة سياسية يرى أنها الأقدر على قيادة المشروع الوطني؟ هذا حق للبشر وعلى الذي يريد أن ينافس الأحزاب الأخرى ويبقى الأكبر أن يعمل بجد واجتهاد حتى تصبح المقارنة في صالحه لتلتف حوله الجماهير بمحبة أي بوسائل الترغيب كما تفعل كل الأحزاب السياسية في العالم وليس بالعقاب وقطع الأرزاق.
خاص نبـأ برس|| نسمح بإعادة النشر شرط ذكر المصدر.. يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص
كن أول من يعلق
تعليق جديد