مثله مثل الكثيرين من أبناء قطاع غزة الذين أصبحت حياتهم عالقة فإن الشاب غسان سالم على وشك أن يفقد حلم حياته وأسرته التي حاول السفر معها ثلاث وفي كل مرة يعيده الأمن المصري إلى قطاع غزة هو وزوجته وطفله الصغير فتتحطم آماله التي رسمتها الأسرة الصغيرة لحظة أن يناديه رجل الأمن في مشهد مكرر قائلا له "مرجع".
حاول غسان السفر خلال شهر يناير ثلاث مرات وفي كل مرة دون جدوى لا يعرف كيف يقنع العالم والأمن المصري أنه خارج من غزة لسنوات طويلة وأنه لا يريد الدخول إلى الأراضي المصرية ويقبل أن يتم شحنه وترحيله هو وزوجته وطفله إلى المطار مباشرة للالتحاق بفرصته الأخيرة التي ستغير حياته نحو مستقبل مختلف تماما حياته لأنه حصل على منحة عمل ودراسة لمدة خمس سنوات لدراسة المسرح في كوريا الجنوبية وتلك المنحة لا تتكرر و قد يصبح غسان واحدا من أهم مخرجي المسرح على مستوى الوطن العربي وربما العالم تلك المنحة وفرتها له مؤسسة هولندية من خلال فرعها في سيئول.
بصعوبة بالغة حصل الشاب على فيزا تخوله دخول كوريا الجنوبية بعد أن قدم كل الأوراق الثبوتية وأعماله المسرحية والأفلام التي أخرجها رغم صغر سنه وبالنهاية حصل عليها ولأن مدة المنحة خمس سنوات وكانت له رحلة أطول لتحصيل فيزا لزوجته وطفله ابن السنوات الثلاث وفي النهاية كما كل الفلسطينيين الذين لا تتحقق أحلامهم بتلك السهولة تمكن من تأمين السفر له وللأسرة لكنه كل مرة يصطدم بالمعبر لتتحطم أحلامه ويعود كسيرا والآن بعد كل المحاولات بدأ الوقت ينفذ ولم يبقى في الفيزا سوى عشرة أيام وبعدها ستنهار كل الأحلام وإلى الأبد.
غسان شاب ذكي وواحد من أهم المخرجين فقد عمل عدة أفلام في غزة وقبلها عمل مخرجا في فضائية الأقصى الثابعة لحركة حماس وهنا ربما المشكلة لكنه لم يتدخل في المضمون ثم ترك الأقصى وانطلق إلى عمله الحر كمخرج مع مؤسسات أجنبية بعيدا عن السياسة والفصائل إلى أن توفرت له الفرصة لتعليم أعلى للانطلاق نحو العالمية تاركا خلفه كل تاريخ الفصائل والسياسة وكل شيء ولم يعد يهمه سوى مستقبله وأسرته التي يسعى لإخراجها من غزة.
ولأن الفيزا محدودة ولا زال هناك أمل بالتدخل لمستقبل هذا الشاب الذي أعرفه وقدراته وأعرف أنه سيكون واحد من أهم المخرجين العالمين وهو يطمح لذلك بعد أن أحدث تحولا في حياته وأزال لحيته مبتعدا عن العمل مع الاعلام الحزبي ليس هناك سوى اللواء أحمد عبد الخالق مسئول الملف الفلسطيني في المخابرات العامة المصرية الذي يستطيع أن يهدينا بعد سنوات مخرجا عالميا نعتز به.
أعرف اللواء عبد الخالق وهو رجل شديد التواضع ويتابع بالتفاصيل ولديه قدر كبير من الاهتمام بالصحافة ولا يترك أي صغيرة تمر من دون أن يتابعها ويصعب الحديث حول البعد الانساني في شخصيته بحيث لا يمكن أن يقبل أن تمرر قضية كهذه دون معالجتها سريعا وله سوابق عديدة في تدخلات مشابهة, وغسان مثله مثل جميع الفلسطينيين وخاصة الغزيين يشعر باليتم فلا قيادة ولا مسئولين لنا لنخاطبهم حين نتعرض لأزمة فنحن مضطرون لمخاطبة دول أخرى مباشرة لأننا في عرف الفصائل لا نساوي شيئا نحن وعائلاتنا ومستقبلنا وأولادنا.
أمل ويأمل غسان الذي حملني قضيته تدخل اللواء عبد الخالق بسرعة لأن الوقت ينفذ وينبغى السماح له ولعائلته خلال أيام المرور حتى لو ترحيل للمطار ففي كل مرة يتم الموافقة لزوجته وطفله على دخول مصر لكن يتم منعه فيعودون معه بكل الحزن الذي يحلم أي مواطن في غزة أن يخلع عباءته إلى الأبد.. ذلك المخرج الواعد انفتحت له نافذه تطل على المستقبل هل يسمح له بالوصول إليها.. ممكن فقط إن تدخل اللواء عبد الخالق شخصيا وأغلب الظن أنه سيفعل بمسئولية عالية ...!
اشترك في حسابنا على تويتر لمتابعة أهم الأحداث المحلية والدولية
خاص نبـأ برس|| نسمح بإعادة النشر شرط ذكر المصدر.. يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص
كن أول من يعلق
تعليق جديد