غريب هو أمر داعش الذي مني بهزيمة نكراء واختفى في ظرف أسابيع تماما كما ظهر في أقل من أسابيع لا زال يعتقد أن بإمكانه أن يكون له مكاناً بالقتل والذبح والحرق والتفجير، في البدايات عام 2014 كان لديه بعض الأمل حين سيطر على مناطق فجأة في الأنبار وبعدها جمح خيال قادته لإقامة امبراطورية داعش في الوطن العربي وتمددت الفكرة بعد أن تمكنت من التحقق في سوريا بمساعدة دول خارجية حين دعمها البعض بالمال بحجة تبادل أسرى من مواطنيه، والمقصود قطر أو حين كانت تركيا تشتري منها النفط واتهم بذلك بلال نجل الرئيس أردوغان ولكن الآن بعد ما شهدته من انهيار وتقهقر وخسارة الجغرافيا هل لازالت تحلم بالسيطرة على الوطن العربي؟
لقد أقام البغدادي نواة دولته في الرقة ووضع قانون خاص به ومناهج دراسية هذا عندما كان هناك رغبة دولية أو أميركية بأيدي إقليمية ولكن عندما قررت الادارة الأميركية الانقلاب على سابقتها اختفى داعش كما ظهر خلال فترة بسيطة لكن ذيوله لازالت قائمة وخصوصاً في سيناء بعد أن بدا أن الهزيمة كانت متزامنة في سوريا والعراق وليبيا وشمال سيناء لكن الجريمة الأخيرة التي نفذت ضد الجيش المصري تطرح تساؤلاً ما الذي يريده هؤلاء بعد أن انهزمت الفكرة الى غير رجعة.
ان داعش أسوأ ما أنتج الاسلام السياسي السني على الاطلاق وهي فكرة لم تجد رواجاً في المجتمعات العربية لأن المشاهد التي كانت تبث من تقطيع رؤوس وانتزاع أكباد كانت مدعاة للغضب والنقمة على هذا التنظيم أما الحريات العامة في عصر الحريات فكانت مدعاة لما هو أكثر من استنكار كأن هذا التنظيم بفكره الديني يعود للقرون الوسطى أو للعصر الحجري وبالتالي كانت الفكرة مخالفة للزمن وتسير عكس عقارب الساعة ومن الطبيعي أن تموت منذ أول لحظة يتمكن فيها تنظيم الدولة الاسلامية من حكم بقعة جغرافية ما ، لذا لم تلق الفكرة المتطرفة والقديمة رواجاً في العالم العربي سوى بعض الحالات الانعزالية وظلت محصورة في اطار مجموعات هاربة أو تسعى للانتقام.
في سيناء تمكن الجيش المصري من ملاحقة داعش منذ أكثر من 4 سنوات وتمكن من تحقيق انجازات جسدتها تراجع عمليات داعش هناك لكن العملية الأخيرة قبل يومين ربما تؤكد أن داعش تتصرف بانتقام ضد الجيش المصري وان كانت تعرف أن حلم اقامة امارة في سيناء قد تبخر وللأبد كما كل المناطق التي حلم فيها داعش وما يحدث هناك أصبح في عداد الانتقام لا أكثر.
لكن هذه الجرائم التي يصر تنظيم الدولة الاسلامية على مواصلتها بغباء شديد لن تكون في صالحه بقدر ما أنها في صالح الدولة المصرية والجيش المصري رغم فداحة الخسارة المؤلمة فقد تمكن جيش مصر من استغلال وجود القوى التكفيرية في سيناء ليدفع بقواته متجاوزاً كامب ديفيد التي كبلت الجيش من التواجد هناك بفعل الاتفاق وهذا منع تواجد الدولة وتحقيق استثمار وتطوير سيناء والآن بعد كل تلك الجرائم أصبح النص المتعلق بسيناء في كامب ديفيد خلف ظهر مصر وبالتالي فان الجرائم التي ترتكب تعمل تلقائياً على زيادة الجيش عدداً وتسليحاً وحضوراً وتلك خدمة تقدمها داعش لمصر.
لن تنهزم مصر بسبب تلك الجرائم ولن تصاب بالذعر فماذا يعني أن تخسر عدداً من الجنود والضباط؟ صحيح أن كل جندي مصري غالي على الدولة وعلى أسرته وعلى الشعب المصري لكن جيشاً عدد قواته 1,3 مليون فهو مستعد لتحمل كل الخسارات من أجل الأراضي المصرية فهل يعتقد التكفيريون أن خسارة مائة جندي أو ألف أو آلاف سيثني الجيش المصري والدولة المصرية عن عزمها على الاستمرار وتنظيف سيناء وانهاء وجود بقايا الحركات المتطرفة؟
بعد ما حدث في سوريا وأثبت أن داعش هي لعبة توازنات دولية وأن هذا التنظيم والفكر لم يكن أكثر من أداة في يد الآخرين كما تقول موسكو بما تملكه من دلائل لا أحد يعتقد أن ما يحدث في سيناء لا يرتبط بقوى أو دول خارجية هي من يقرر له الوجود والحضور والعمليات لذا على مصر أن تبحث عن مرجعيات القوى التكفيرية في سيناء وخاصة بعد أن ثبت أن هناك خيطً رفيعاً يربط بينها وبين والولايات المتحدة واسرائيل خصوصاً في ليبيا.
يجب أن تستفيد مصر من المعلومات الروسية والتجربة السورية وتبحث عن الأصابع الخفية ليس هناك قلق يمكن أن تشكله فكرة دموية منفرة لكن القلق بمن يقف خلفها وماذا يريد ...؟؟؟
كن أول من يعلق
تعليق جديد