هكذا نقلت الصحافية الاسرائيلية سميدار بيري بأن قطر لن تستمر بدفع الوقود لغزة بعد شهر ابريل، هذا كان معروفاً مسبقاً منذ أن استدعيت الدوحة في شهر أكتوبر الماضي لمساعدة غزة لستة أشهر كان واضحاً أن الهدف منها شراء الهدوء لنصف عام حتى تتمكن اسرائيل من ممارسة دعايتها الانتخابية واجراء الانتخابات بهدوء، وجميعنا يعرف أن لا شيء يدخل غزة دون رغبة اسرائيلية بل قال بعض الاسرائيليين أن تل أبيب هي من استدعت الدوحة لهذه المهمة.
مدهشون هم مؤيدو حركة حماس عندما يشنون حملة ضد التطبيع بعد مؤتمر وارسو متجاهلين كل هذا الخط المفتوح بين الدوحة وتل أبيب كأن التطبيع بدأ مع وارسو ولكن الأحكام لدينا تصدر لاعتبارات كما قال أنتوني نتنج في كتابه عن العرب أنهم أمة لا معيارية أي لا معايير محددة لأحكامهم ومن الممكن أن يعطوا حكمان لموقف واحد ارتباطاً بالمصلحة وتلك هي واحدة من سمات الحالة العربية التي تطالب بإعدام القاتل اذا المقتول ابنها ولكنها تحتضن القاتل وتتكاتف حوله وتتشارك في الدية حين يكون القاتل ابنها ....الجريمة واحدة لكن المعيار تحدده مصلحة العشيرة وهنا الحزب السياسي الذي يقوم بدور العشيرة ويصدر أحكاماً وفقاً لمصلحته.
بعد ابريل ستدخل غزة في أزمة كهرباء جديدة، صحيح أن استدعاء المال والوقود لستة أشهر لأن نتنياهو هذه المرة يذهب للانتخابات بضمانة الفوز وتشكيل الحكومة وبالتالي لا حاجة لحروب ترفع أسهمه المرتفعة أصلاً لذا اشترى الهدوء كما قال أفيغدور ليبرمان الذي يعرف حقيقة الأشياء ويعرف أن حزب الليكود استولى على الأصوات الانتخابية التي كانت له يوماً ما وبالتالي اختلفت المصالح ليجد نفسه خارج الحكومة.
بعد أبريل أيضاً تتجهز الولايات المتحدة لعرض خطتها أو ما بات يعرف بصفقة القرن والتي رفضها الفلسطينيون قبل الاعلان بالرغم من أنه بات من الواضح أنهم يعرفون تفاصيلها هكذا قال كوشنير في أحد اجتماعاته مع كبرى وسائل الاعلام في لقاء تأهيلي لترويج الصفقة قال أنه أطلع الفلسطينيين وجميعهم رفضوها لكن أميركا ستسير وفقاً لما تريد بمعنى أنها ستستمر وفقاً لما اتفقت عليه مع نتنياهو الذي بات يتبجح بعلاقاته مع الدول العربية والاعلان عن رغبة بعض الدول الأوروبية فتح مكاتب لها في القدس.
اذن نحن أمام وضع شديد الخطورة لحظة اغلاق صناديق الاقتراع في اسرائيل أو بعد أن تتشكل حكومة اليمين، الأوضاع في قطاع غزة ستتدهور مع انقطاع الكهرباء والأزمة المستجدة بوقف تسلم أموال المقاصة الذي أعلنه الرئيس وبالتأكيد انعكاساته الأبرز ستكون على القطاع وقد تصل لحد وقف الرواتب ما ينذر بانفجار كما تقدر صحيفة هآرتس وعلى الجانب الآخر خطة أميركية مرفوضة وسيكون للرفض تداعياته على السلطة ووجودها الذي بات عبء في الضفة على اسرائيل التي لم تعد تخف رغبتها بشرعنة ضم الضفة والسيطرة عليها.
هل ستدفع الأمور بصدام على غزة نتاج حالة الاختناق هذا الصدام تكون نتيجته انهاء حكم حماس بغزة ونقل السلطة من الضفة إلى القطاع لتضرب اسرائيل عصفورين بحجر واحد؟ أم بقاء حكم حماس لاستكمال الفصل وتعزيز حكم القطاع واضعاف السلطة في الضفة وتحويلها إلى حكم وظيفي يقوم بمهام إدارية فقط؟ كل الخيارات قريبة للواقع.
لكن هذا الواقع بخياراته يقول أن الفلسطينيين في أسوأ حالاتهم والفعل الفلسطيني عاجز تماما وليس أكثر من حالة انتظاريه لما سيفعله الأميركي أو الإسرائيلي وأن السياسة الفلسطينية الرافضة ليست سوى ردة فعل على الفعل الذي لا يتوقف ضدهم وفي ظل مناخات عربية سلبية كما عبرت عن نفسها في وارسو والدور القطري أيضا بتمويل حتى الانتخابات تلك المناخات تدعو للإحباط من شعور الفلسطيني بالعري وحده في مواجهة الغول الأميركي والعربدة الإسرائيلية المدججة بإمكانياتها ليس فقط العسكرية بل يضاف لها تحكمها بالفلسطينيين حتى النهاية ورأينا أزمة المقاصة وأموال الضرائب إلى الحد الذي يمكن أن تتحكم في رواتب موظفي السلطة أما عن تحكمها بغزة فالحصار وتفاصيله أكثر وضوجا.
إذن أسابيع قليلة تفصلنا عن حقائق ستكون صادمة بالتأكيد.. وكعادتنا لم نفكر كثيرا كيف نواجهها بدهاء... صحيح أن الاجماع الفلسطيني بالمعنى النظري يرفض كل الطروحات لكن الحقيقة التي علينا أن نواجه أنفسنا بها أننا بالمعنى العملي لا نرفض صفقة القرن بل أن كل سلوكنا وفعلنا السياسي وخلافاتنا وانقسامنا هو فعل ممهد لهذه الصفقة دون أن نخدع أنفسنا.. لم نطلع على صفقة القرن ولكن كما قال كوشنير كل الفلسطينيين اطلعوا عليها بما فيهم حماس ورئاسة الحكومة وكلهم رفضوا لكن على الجميع ان يقارن بين ما يجري الحديث عنه وبين واقعنا على الأرض سيكتشف حجم التطابق أليس هذا مدعاة للدهشة ؟ وأكثر للخوف والقلق..!
اشترك في حسابنا على تويتر لمتابعة أهم الأحداث المحلية والدولية
كن أول من يعلق
تعليق جديد