كعادة الأحزاب الاسرائيلية قبل الانتخابات تخلع قفازاتها وتخرج للحرب لتعود بالأصوات الانتخابية على أشلاء ودماء ومعاناة الفلسطينيين، تلك أصبحت تقليداً في دولة تقدس الجنرالات وتحترم من يشهر العداء أكثر ضد الفلسطينيين.

هذه المرة لا يبدو في الأفق رغبة بالقتال فيما استمرار الحرب على جبهات أخرى فاليمين قوي ويجتاح اسرائيل ومطمئن لقدرته على تشكيل الحكومة الى حد ما ولا يرغب باستعمال السلاح كعادته فالقتال لا يعني الحرب ولكنه أحد جوانبها فيما الحرب على الفلسطينيين لم تتوقف منذ أن بدأ المشروع الاسرائيلي بإزاحتهم وتنفيذ مخططاته ومشاريعه وترسيخ أسس الدولة وتمددها.

فيما يغيب السلاح "حتى اللحظة على الأقل" لرغبة الحكومة الآن فقط ، يستمر التصعيد في كل الاتجاهات اذ نشهد حرب اسرائيل على الفلسطينيين بأشكال متعددة حرب على المال واقتطاع مخصصات الشهداء والأسرى، حرب على السجون واقتحامات وتضييق وتغيير مكانة الأسرى وسحب انجازات كانت قد تحققت ومحاولة تغيير قوانين تعيد السجون والعودة بها الى عصر السبعينات من القرن الماضي والحرب الأهم على القدس والأقصى والأماكن المقدسة فيها.

كانت الحملات الانتخابية السابقة تشهد بعض الاقتحامات للأقصى من قبل بعض أفراد اليمين أو بعض المرشحين المتطرفين لكن الحملة الان يتم شنها من قبل الحكومة أو من قبل أعضاء في الحكومة نفسها مثل وزير الزراعة المتطرف أوري أرئيل وسلوك نتنياهو تجاه باب الرحمة وحملة الاعتقالات التي تشنها الأجهزة الأمنية للكوادر في القدس فهي حملة رسمية وهذا هو الجديد.

الأنياب الإسرائيلية شاهرة وهي تفقد توازنها قبل الانتخابات ومع ما يتم تبادله من اتهامات بين المرشحين تكون ردة الفعل الطبيعية انتقاما من الفلسطينيين، فعندما يقول نفتالي بينيت أن نتنياهو سيقسم القدس يلجأ نتنياهو إلى العربدة في القدس لنفي التهمة وعندما يتهم ليبرمان نتنياهو بالخضوع للفلسطينيين ويسمح بمرور أموال للذين ارتكبوا عمليات من أسرى أو شهداء يكون رد الحكومة باقتطاع أموال من المقاصة وهكذا.

إذن نحن أمام بازار انتخابي مادته الوحيدة هي الفلسطينيين واقعهم وحاضرهم ومستقبلهم يتصرف به الاسرائيلي وفقا لمنسوب الأصوات وهذا ليس جديد بل يزداد شراسة في هذه الحملة إذ تصعد إسرائيل على كل الجبهات وخصوصا اليمين لإقناع الناخب بأنه الأكثر عداء لهم وتلك تدغدغ مشاعر واتجاهات مصوتي ومؤيدي اليمين نفسه.

وإذا كانت الحكومة الإسرائيلية تنتهج ذلك على أمل أن تشكل حقوق الفلسطينيين التي يتم الاعتداء عليها رصيدا اضافيا لليمين فيفترض ألا يمر هذا الأمر بهدوء بل يجب أن يتم استنفار المصدات الفلسطينية لهزيمة اليمين في تلك الجولات ويجب ألا تنتهي كما تخطط له الحكومة بل يجب أن تصاب بفشل ذريع وتبدو فاشلة أمام مؤيديها وجمهورها.

على صعيد المقاصة فقد اتخذت السلطة قرارا جريئا برفض استلام الأموال وربما يفتح ذلك على نوع من العنف المحدود ويجب أن يكون وخصوصا في الضفة الغربية لإحراج نتنياهو الذي حذرته أجهزة الأمن من هذا التصرف وبالتالي يجب أن يدفع ثمن هذا القرار وإظهاره كمن تسبب في تهديد الأمن نتاج قراراته المتسرعة التي تفوح منها رائحة الانتخابات وهذا ما أشار له عضو اللجنة المركزية حسين الشيخ بأن رجال الأمن الذين لن يتقاضوا رواتب من الصعب السيطرة عليهم أو تنفيذهم للقرارات.

على صعيد السجون والحركة الأسيرة يفترض أن تيم التصعيد في السجون مع بدأ الدعاية الانتخابية وبدأ انتفاضة سجون وهذه سيتفاعل معها الخارج والقوى والمؤسسات وقد تنتهي بالمساس بصورة جلعاد أردان الذي استهدف الحركة الأسيرة كوزير للأمن الداخلي أراد أن يظهر حزمه تجاه الأسرى.

أما القدس والأقصى فهي الفرصة الأهم لكشف الحكومة وحزب الليكود وأحزاب اليمين وهناك المنطقة الأكثر مؤهلة لأن يسجل الفلسطينيون فيها انجازات تصل حد الانتصار كما حصل في صيف 2017 عندما أرغمت القوة الشعبية هناك اسرائيل على إزالة البوابات الحديدية وقد كان انتصار الارادة واضحا وبالإمكان تكراره وفي تحقيق ذلك ما يزيد من إظهار الفشل لحكومة نتنياهو.

إذن انتخابيا اسرائيل ونحن نتوقع أن تصعد على كل الجبهات وهذا يتطلب مشاغلتها على كل الأصعدة فلا يجب أن تنفذ كل ما تخطط له ويمكن تحجيم اليمين وافشاله وافشال قدرته على تشكيل حكومة ليس لأن من ينافسه سيكون أفضل بل على الأقل كنوع من التحدي والتصدي لتصل رسالة واضحة أن المساس والاعتداء على الفلسطيني وحقوقه له ثمنه ربما يصل حد الاطاحة بمستقبل من يفكر بذلك...!