لم يزل الغموض مخيماً على تفاصيل التفاهمات التي أجراها وفد حركة حماس مع جهاز المخابرات المصرية خلال الشهر الماضي، في اجتماعات هي الأطول منذ سنوات. هذه اللقاءات التي امتدت لما يقارب ثلاثة أسابيع جاءت بعد مرحلة من الجمود السياسي امتدت منذ سقوط حكم الرئيس الإخواني محمد مرسي عام 2013.
عودة وفد حماس دون نتائج ملموسة
في الثامن والعشرين من فبراير الماضي، عاد وفد حركة حماس برئاسة رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية إلى قطاع غزة، دون الإعلان عن أي نتائج تُرضي الشارع الفلسطيني. عدم التصريح بأي إنجاز ملموس أثار تساؤلات حول حقيقة ما دار خلال اللقاءات في القاهرة، خاصة أن استقبال الوفد لم يحظَ بأي مراسم رسمية مصرية.
إشارة واحدة فقط خرجت عن الجانب المصري تمثلت في الإعلان عن فتح معبر رفح لمدة ثلاثة أيام، لكن المفاجأة كانت إغلاقه في اليوم الأول، مما عزز التكهنات حول عدم إحراز تقدم حقيقي في المفاوضات.
ملفات التفاوض بين حماس والمخابرات المصرية
وفقًا لمصادر مطلعة، ناقشت الاجتماعات ملفات حساسة، كان أبرزها ملف مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس، خاصة بعد تدهور حالته الصحية.
السيناريوهات المطروحة لمستقبل السلطة الفلسطينية
تم طرح عدة سيناريوهات لمستقبل السلطة الفلسطينية بعد عباس، كان من أبرزها ما سُمّي بـ”الخطة ب”، والتي تقضي بتنازل حركة حماس عن رئاسة المجلس التشريعي لصالح شخصية مستقلة تحظى بقبول دولي.
المخابرات المصرية اقترحت ثلاثة أسماء لتولي هذا المنصب:
- سلام فياض (الأوفر حظًا وفق التقديرات المصرية)
- حنان عشراوي
- مصطفى البرغوثي
رد حماس على المقترح جاء بعد اجتماع موسع لأعضاء المكتب السياسي في منزل القيادي موسى أبو مرزوق بالقاهرة، حيث أبلغت الحركة الجانب المصري أن الاقتراح لم يحظَ بالإجماع الداخلي.
محمد دحلان والمخطط البديل
بحسب مصادر في السلطة الفلسطينية، فإن الخطة المذكورة جاءت بمبادرة من القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، الذي حظي بدعم جهاز المخابرات المصرية لتنفيذها. الهدف الأساسي منها، وفق التقديرات، هو منع شخصيات سياسية أخرى من إيجاد مسوّغ قانوني للوصول إلى السلطة بعد غياب الرئيس عباس.
تفاصيل الخطة وفق مصادر مقربة من السلطة
بند الخطة | التفاصيل |
---|---|
آلية عقد المجلس التشريعي | الدعوة لاجتماع بثلثي الأعضاء دون الحاجة لموافقة الرئيس |
انتخاب هيئة المجلس | اختيار رئيس جديد وهيئة تنفيذية دون تدخل مباشر من عباس |
اتخاذ قرارات تشريعية | إمكانية تمرير قوانين جديدة بثلثي الأصوات |
نفوذ دحلان | يعتمد على دعم أكثر من 15 نائبًا من فتح |
تحركات حماس لقطع الطريق على الخطة
أمام هذا السيناريو، تحركت حماس بسرعة لإجهاض أي محاولة لانتزاع المجلس التشريعي منها، حيث دعا نائب رئيس المجلس أحمد بحر إلى جلسة طارئة في غزة، في خطوة اعتُبرت بمثابة تأكيد على تمسك الحركة برئاسة المجلس باعتبارها إحدى أهم أوراق قوتها السياسية.
تداعيات المشهد على مستقبل غزة والضفة
حالة الانقسام بين حماس وفتح تعمقت أكثر عقب هذه التفاهمات، حيث يمكن تلخيص التأثيرات المحتملة في النقاط التالية:
- تعثر أي جهود للمصالحة الفلسطينية بسبب غياب توافق حول مرحلة ما بعد عباس.
- تعزيز النفوذ المصري في الملف الفلسطيني بعد لعب دور الوسيط بين حماس وفتح.
- تصاعد الخلاف بين تيارات فتح بين جناح عباس والجناح المدعوم من دحلان.
- تعثر المشاريع الاقتصادية في غزة بسبب استمرار حالة الجمود السياسي.
موقف مصر ودورها في المعادلة الفلسطينية
لا شك أن المخابرات المصرية تلعب دورًا حاسمًا في الترتيبات السياسية بين الفصائل الفلسطينية، إلا أن موقفها من ملف المصالحة لا يزال غير واضح. فبينما تسعى القاهرة للحفاظ على نفوذها في غزة، فإنها لا ترغب في أن تكون طرفًا في صراع داخلي قد يؤثر على أمنها القومي.
ما الذي ينتظر المشهد السياسي الفلسطيني؟
لا يبدو أن الحلول قريبة في الأفق، إذ أن تعقيدات المشهد الفلسطيني لا تقتصر على صراع الفصائل الداخلية، بل تشمل أيضًا التدخلات الإقليمية والدولية. وفي ظل رفض حماس لمقترحات الخطة المصرية، فإن مستقبل المشهد السياسي الفلسطيني سيظل رهينة التجاذبات والمناورات السياسية بين مختلف الأطراف.